#About Art #Art INPA #Art World #Topics

الفن التشكيلي المعاصر والاستثمار

ان تحالف الفن والمال في فضاء العولمة الرقمية يعزز مرتبة الفن التشكيلي المعاصر في الاستثمار الذي يهدف إلى تحقيق المزيد من الربح من خلال توظيف رأس المال في الوسائطية الرقمية فعندما نسقط مفهوم الاستثمار على الفن نصل إلى مصطلح الاقتصاد الابداعي المرتبط بعجلة الانتاج للسلع وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار الفنان التشكيلي، هو صانع بالأصل يتبع مبادئ الصناعة والانتاج لجني الأرباح، والفكرة الرئيسية في علاقة الفن التشكيلي بالاستثمار تتمثل في دفع الفنان لتحويل العمل الفني التشكيلي المجرد إلى سلعة مربحة؛ ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى الفن التشكيلي المعاصر كاستثمار لأنه جزء لا يتجزأ من الصناعات الإبداعية التي تحتفظ بقيمتها وغالباً ما تزيد مع مرور الوقت وبالتالي “يعبر الاقتصاد عن تلك الصناعات الإبداعية وعن القطاع المساند للثقافة المجتمعية المرتبطة بالمكان والزمان الذي يعيش فيه الفنان كما يهدف هذا الاقتصاد بالأساس إلى استغلال الإبداع لتوليد الثروة وزيادة فرص جني الأرباح من العمل الفني المبتكر .
ونستنتج مما ذكر ان الاستثمار في الفن التشكيلي المعاصر يرتكز على فكرة ربط الانتاج الرأسمالي بالأبداع من أجل تحقيق المزيد من الربح. فالصناعات الفنية الإبداعية في الدول الغربية تعتبر قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، حيث يتم انتاج الفن التشكيلي المعاصر وتوزيعه من خلال الوسائطية الرقمية والتي أصبحت تحمل قيمة تجارية عالية عن طريق توسع فكرة الاستثمار في مواقع التجارة الإلكترونية ضمن إطار صناعة الصورة التشكيلية في الفضاء الإلكتروني ويؤكد على ذلك فولف “ان الصورة تعتبر مادة أولية لبناء الإدراك الحسي للصور اللغوية المهيمنة على اشكال الوعي واللاوعي للإنسان المعاصر” .
ونعتقد إن الاستثمار في الاقتصاد الابداعي بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي يعتبر من اهم دعائم الاقتصاد الوطني، حيث تساهم تقنية تكنولوجيا المعلومات في مجال الفن التشكيلي المعاصر على زيادة في الانتاجية والنمو الاقتصادي للبلاد، كما تساهم في تعزيز كل أشكال التعبير الثقافي والتسويق الذاتي، حيث يواجه شباب هذا العصر ثورة تكنولوجية متسارعة تساهم في صقل المهارات الذاتية من خلال الانغماس في مواقع الإنترنت والهواتف المحمولة والوسائطية الرقمية ولمواكبة هذا التغير يحتم علينا أن نتصور كيف ينبثق الاقتصاد من الطاقة الإبداعية الكامنة في الفن التشكيلي المعاصر مما يؤدي إلى زيادة الانتاجية والنمو الاقتصادي العام في المنطقة.
فمع نهايات القرن العشرين شهد العالم تغيرات واسعة على جميع الأصعدة العلمية والاجتماعية والسياسية والتربوية، كل ذلك كان سبباً في توسع الرؤية المعاصرة لمفهوم الفن التشكيلي، من فكرة انتاج اللوحة “التزينية” إلى فكرة الانتاجية والوظائفية في الفن التشكيلي المعاصر، بالتأكيد كان لذلك أثر واضح في الانتعاش الاقتصادي في الدول المتقدمة، حيث تم “اعتبار الاستثمار في الفن التشكيلي واحدة من مفاتيح التنمية المستدامة، من خلال المساهمة في بناء الاقتصاد المحلي مما يجعل هذا الاستثمار يأخذ دور القيمة المضافة للاقتصاد في مجال الآدب والفنون كافة، وعلى خلفية القدرة الابتكارية لهذه الصناعة أصبحت السياسات الاقتصادية في العالم داعمه للإبداع والفن التشكيلي بصورة اكبر” .
ومنذ ما يقرب من عشرين عامًا، كان تحديد مفهوم قطاع صناعة الفن التشكيلي موضع نقاش حول ماهية رأس المال الفكري الابداعي، وأثره على القطاع الاقتصادي. وعلى الرغم من توسع مفهوم الصناعات التشكيلية مع نهاية القرن الماضي، الا ان التطور المستمر في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي، قد ساهم في “توسع دائرة هذه الصناعة لتشمل كافة محتويات الإبداع الإنساني الذي يتميز بالحرفية والمهارة العالية” ، لذلك تم اعتبار الاستثمار في الفن التشكيلي المعاصر سمة من سمات الفعل الابداعي الانتاجي، وهو العنصر الاساسي المكون لمحتوى الصناعات الاجتماعية المعاصرة القائمة على هندسة اقتصاديات المعرفة، في كافة فروع الفنون الجميلة والتصميم وصناعة الفن الرقمي .
هذا المنعطف في مفهوم مقياس القيمة الاستثمارية للصناعات الفنية يقودنا إلى اعتبار أن القيمة التشكيلية ذات دلالة على القدرة التسويقية للسلع الفنية، الا ان تبني رؤية موسعة للاستثمار في صناعة الفن التشكيلي المعاصر، قد يوسع مفهوم العولمة إلى حد كبير، ليشمل كافة المُنتجات التي يمكن ان ترتبط بها القيمة التشكيلية المضافة، إلى الحد الذي يكون فيه كل شيء ذات قيمة فنية ويصبح المفهوم العام للإبداع مرتبط بالاقتصاد الانتاجي، الذي قد يزيد من حجم الطبقة المبدعة في هذا المجال، مما يزيد من وتوظيف الأفراد الأكثر ابداعاً، هذا يعني ارتفاع الاجور للطبقة المُنتجة للمحتوى الابداعي، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الطلب على الأفراد الاكثر مهارة في انتاج وتسويق وتوزيع المُنتج الفني التشكيلي
“فكلما ارتفعت الكفاءة الإبداعية من منطلق انتاجي، ارتفعت قيمة المخرجات الفنية بالتوازي مع حجم الاستهلاك، وهذا شبيه بميدان الاقتصاد التجاري من حيث ضرورة أن يتوازن مقدار الانتاج مع جودته” . وهنا تتضح لنا أهمية الربط بين الاستثمار في صناعة الفن التشكيلي المعاصر وحاجات المجتمع لهذا السبب أن تطوير نوعية المُنتج الفني التشكيلي المرتبط بالوسائطية الرقمية الترويجية يعتبر ضرورة بحيث يساهم الفن التشكيلي المعاصر في التنمية الوطنية الشاملة المستدامة وتكون صناعة الفنان المثقف هي محور هذه التنمية، التي تدعم بدورها فكرة الوظائفية في الابتكار والإبداع ونعتقد ان هذه الفرضية تتطلب تفعيل اللامركزية في اتخاذ القرارات بالإضافة إلى اشراك المجتمع المحلي في صنع القرار بهدف تدعيم دور المُنتج الابداعي بالمجتمع المحلي مما يرفع نسبة التقدم والعطاء، بالإضافة إلى رعاية المواهب والمبادرات الإبداعية بين افراد المجتمع الذين يلعبون دور الريادة في الاقتصاد الابداعي .
وبالتالي يصبح الاقتصاد الابداعي هو اقتصاد جمعي قائم على أصحاب الأفكار الإبداعية الخلاقة في المجتمع، كما ان الاقتصاد الابداعي لا يعتمد على الاستثمار الكمي في انتاج اللوحات الفنية بل على المهارة الإبداعية في التسويق وطريقة الترويج لها، وبالتالي يمثل الاستثمار بالفن التشكيلي ، أحد أهم المجالات في لاقتصاد الإبداعي وذات عائد مالي كبير للدخل الوطني. فضلاً على ان الاستثمار في الإبداع، يكمن في القدرة على إيجاد حلول خلاقة تتصف بالتفرد والاصالة لمشكلة مجتمعية ما، اما الابتكار فيعني التميز في تطبيق الأفكار التي تساهم في حل المشكلة وبناءً على ذلك يكون ” الإبداع في هذا السياق في القدرة على التوصل إلى أفكار تتصف بالتفرد والتميز، بينما الابتكار يجسد الحلول الابتكارية والتي تسمى ابداع، ولذلك فالإبداع هو القاعدة الأساسية للابتكار التطبيقي للفكرة، التي تتمحور في صناعة المحتوى الرقمي بهدف تسويق الأفكار الإبداعية، فالتسويق شكل من اشكال الفن يتجلى في صياغة أفكار إبداعية في تسويق وتوزيع المُنتج الفني التشكيلي ، ويعتبر مفهوم “صناعة المحتوى” في وقتنا الحاضر من أكثر المفاهيم ارتباطا بالوسائطية الرقمية والاعلام الرقمي التسويقي، حيث يعتبر بالإمكان إحداث التكامل بين مجموعة من أشكال الوسائل التعليمية، عبر الإمكانات الهائلة التي تقدمها شبكة الإنترنت في مجال صناعة المحتوى ومجال التسويق والترويج والتوزيع، كما يعتبر بالإمكان إحداث التفاعل بين المُنتج لهذا المحتوى والمتلقي ضمن نطاق البيئة الرقمية الافتراضية المتاحة للعامة، والتي تعمل على الاثارة البصرية للمنتج الفني التشكيلي ” . وقد أدى ظهور الواقع الافتراضي والواقع المعزز إلى إحداث توافق تسويقي تشاركي بين الوسائطية وصناعة المحتوى، حيث وفرت هذه البيئة ترسانة رقمية جديدة في مجال التسويق، يمكن “الاستفادة منها في الترويج لاسم الفنان المُنتج للتصوير المعاصر كما فرضت ثقافة استهلاك المحتوى الرقمي في كافة مجالات مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من حجم الفوائد المكتسبة من صناعة المحتوى، الا ان انخفاض مستوى الكفاءة الاكاديمية في التسويق والتوزيع للمُنتج الفني التشكيلي ساهم في تراجع قيمة هذا المحتوى في العالم العربي، حيث يلعب التسويق المنهجي الاحترافي للمحتوى دوراً بارزاً في تحقيق النجاح من خلال:
1. بناء اسم للفنان عن طريق صناعة فيديو تعليمي في مجال الفن التشكيلي المعاصر
2. استقطاب المزيد من المتابعين من خلال الترويج المدعوم لتلك المحاضرات المصورة
3. اعداد محتوى رقمي احترافي عالي الدقة يرفع من مستوى الفنان من مرتبة المختص إلى مرتبة الخبير من خلال طريقة عرض مُنتج المحتوى الفني التشكيلي .
4. تفعيل تقنية الذكاء الاصطناعي لتحويل الحركة المدمجة بالصوت إلى كائنات رقمية متحركة
5. ربط المحتوى المُنتج بالوسائطية الرقمية والبريد الإلكتروني والتطبيقات الخلوية ومحركات البحث العالمية
6. زيادة نسبة تفاعل المحتوى مع الاعلام الرقمي وأجهزة التلفاز الذكية للتعريف بالمُنتج الفني التشكيلي كوسيلة تسويقية معاصرة.
ويساعد إنشاء وصناعة المحتوى على جمع الأفكار الخاصة بتسويق المُنتج الفني التشكيلي وتنظيمها على شكل مادة إعلامية رقمية، تندرج تحت مفهوم الاستثمار في التسويق والتوزيع، وتهدف إلى نقل الرؤية الفنية عن الفن التشكيلي الابداعي عبر الوسائطية الرقمية. فإنسان القرن الواحد والعشرين يستهلك المحتوى بشراها بهدف الحصول على الأفكار، المعرفة، التسلية، بشكل دوري وعلى مدار الوقت، فضلاً عن أهمية هذا المحتوى بربط الناس بعضها ببعض، وهذا يسمى الاتصال الذاتي الجماعي، وإن تَجمُعهم حول فكرة ما، يُساعد صانع المحتوى في تسويق المُنتج الفني التشكيلي ويُصبح المستهلك هنا جُزء لا يتجزأ من إستراتيجية صناعة المحتوى، وبمجرد الدخول والتفاعل مع منصة المحتوى الرقمي عبر الوسائطية الرقمية، تكون فكرة تسويق المُنتج الفني التشكيلي في طريقها للنجاح وبالتالي فإن المستهلكين هم الذين يستهلكون المحتوى ويستمتعون به، لكنهم لا يشاركون عادةً في إنشائه أو انتاجه بل هم مشاركون في الترويج والتسويق. ومن هذا المنطلق يمكن للمستهلكين التأثير على صناعة المحتوى من خلال تفضيلاتهم وقرارات الشراء على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تعتبر جزء مهم في صناعة وتسويق المحتوى، ومن خلال تلك الوسائط الرقمية ينتشر المحتوى إلى كل بقاع العالم مما يرفع من شهرة الفنان وعمله
وفي إطار هذا “التحول في التسويق نحو الرقمنه، توسعت منصات وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الأجهزة الخلوية حتى أصبحت ظاهرة، يحتل الشباب الصدارة فيها كمستخدمين متصلين بالإنترنت بشكل دائم، وتتسم هذه المنصات في عرض وتسويق المحتوى التثقيفي المدمج بالوسائط المتعدد (Multimedia) ملتيميديا، مما وفر لشركات الإعلان من استخدام هذا المحتوى في تسويق المُنتجات كأحد قنوات الاستثمار في التسويق عبر الإنترنت، ففي عام 2015م وصلت عائدات الإعلانات من تلك المنصات في اميركا فقط، نحو (15) مليار دولار . هذا بلا شك يجعلها وسيلة إعلانية تشاركية مدرة للدخل تتبع نطاق الاقتصاد الابداعي، وبالتالي “ان قيمة وقوة المحتوى مستمدة من المشاركة النشطة، من الذين يدخلون تلك المنصات الرقمية ويتفاعلون مع محتواها بشكل مستمر حتى باتت تحظى بالثقة والمصداقية، لارتباط تلك المنصات بخدمات التقييم والتواصل المباشر(Chat) الدردشة، مع منتج المحتوى ومع المُعلقين، فضلاُ إلى توضيح نوعية المحتوى ان كان مدعوم مادياً كمنتج اعلاني تسويقي او محتوى تثقيفي مجاني، في النهاية يمتزج هذا المحتوى الفني التشكيلي مع محتوى صفحة المستخدم الاخر المتلقي، ويميل إلى التوافق مع سلوكه حتى يشعر ان هذا المحتوى ينتمي له ويحاكي ما بداخله من احاسيس وعواطف”

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *