الخزف في اليونان القديمة
Bilingual amphora by the Andokides Painter, ca. 520 BC (Munich)
تاريخ الخزف اليوناني
من الأقاصيص الظريفة الشائعة في بلاد اليونان أن أول قدح للشراب قد شكل فوق ثدي هيلن ، فإذا كان هذا صحيحاً فإن القالب الذي صنع على هذا الطراز قد ضاع عقب الغزو الدوري ، لأن ما وصل إلينا من الآنية الفخارية من العهود اليونانية القديمة لا يذكرنا قط بهلن ؛ وما من شك في أن هذا الغزو قد أثر أسوأ الأثر في تطور هذا الفن ، وأفقر الصناع ، وشتت المدارس ، وقضى إلى حين على انتقال أصوله ؛ ذلك بأن المزهريات اليونانية تبدأ من بعد هذا الغزو بسيطة بدائية فجة ، كأن كريت لم تسم بصناعة الخزف فتجعلها فناً جميلاً.
Protocorinthian skyphos, c.625 BC, Louvre
Oenochoe in the Wild Goat style from Camiros, c.600 BC, Louvre
Achilles and Penthesileia by Exekias, ca. 540 BC., BM. London
ويغلب على الظن أن مزاج الفاتحين الدوريين الذي كانت تغلب عليه الخشونة هو الذي أخرج مما بقي من قواعد الفن المينوي الميسيني ذلك الطراز الهندسي الذي كانت له السيطرة على أقدم الفخار اليوناني بعد العصر الهومري. لقد محى من هذا الفخار ما كانت تزدان به الآنية الكريتية من رسوم الأزهار والمناظر الطبيعية ، والنباتات ؛ وكانت النزعة الصارمة التي أقامت مجد الهياكل الدورية هي التي قضت على صناعة الفخار اليونانية. وليس في الجرار الضخمة التي يمتاز بها هذا العصر ما يمت بصلة إلى الجمال ، فقد كان الغرض من صنعها حفظ الخمر أو الزيت أو الحبوب ، ولم يكن يقصد بها أن تكون متعة للفنان الخبير بصناعة الخزف. ويكاد نقشها كله أن يكون وحدات من مثلثات أو دوائر أو سلاسل ، أو خطوط متقاطعة ، ومعينات ، وصلبان ، أو خطوط أفقية متوازية بسيطة تتكرر مرة بعد مرة. وحتى الرسوم الآدمية التي تتخلل هذه الأشكال كانت رسوماً هندسية ، فجذع التمثال العلوي كان مثلث الشكل ، وفخذاه وساقاه كانت مخروطية. وانتشر هذا الطراز الهين من الزينة في جميع بلاد اليونان ، وكان هو الذي حدد صورة المزهريات الدبيلونية Dipylon في أثينة. ولكن الآنية الضخمة (التي كانت تصنع في العادة لتوضع فيها جثث الموتى) كانت ترسم عليها بين خطوط الأشكال الهندسية صور جانبية لوجوه النائحين ، وعربات ، وحيوانات غاية في السماجة. فلما آذن القرن الثامن بالانتهاء رسمت على الفخار اليوناني صور حية أكثر من الصور السابقة ، واستعمل لونان لأرضية الصور، واستبدلت الدوائر بالخطوط المستقيمة، وظهر على الصلصال سعف النخل ، والأزورد ، والجياد القافزة ، والآساد المصيدة ، وحلت الزخارف الشرقية محل الطراز الهندسي الساذج.
Reveller and courtesan by Euphronios, ca. 500 BC,BM E 44
وأعقب ذلك العصر عصر مليء بالتجارب غمرت فيه ميليتس السوق بمزهرياتها الحمراء ، وساموس بمصنوعاتها المرمرية ، ولسبوس بآنيتها السوداء ، ورودس بآنيتها الحمراء ، وكلزميني Clezomenae بآنيتها الرمادية اللون ، وأصدرت فيه نقراطس الخزف الدقيق الملون والزجاج نصف الشفاف. واشتهرت إرثيرا Erythra برقة مزهرياتها ، وكلسيس Chalcis ببريقها وحسن صقلها، وسكيون Siycon وكورنثة بقوارير الرائحة الدقيقة الصنع ، والأباريق ذات الرسوم المتقنة الأنيقة الشبيهة بمزهريات شيجي Chigi في رومة.
الطراز اليوناني في صناعة الخزف
قامت بين صناع الخزف في المدن المختلفة منافسة قوية ، وكانت هذه المدينة أو تلك تجد مشترين لخزفها في كل ثغر من ثغور البحر الأبيض المتوسط ، وفي روسيا ، و إيطاليا ، وبلاد غالة. وخيل إلى مدينة كورنثة في القرن السابع أنها فازت على منافساتها في هذه الحرب الخزفية ، فقد كانت مصنوعاتها في كل مكان وفي يد كل إنسان ، وكان صناع الفخار فيها قد كشفوا طرقاً جديدة للحفر والتلوين ، وابتكروا كثيراً من الأشكال الجديدة ؛ لكن سادة حي الخزافين في خارج أثينا برزوا إلى الأمام حوالي عام 550 ق.م وألقوا عن كاهلهم عبء النفوذ الشرقي ، واستولوا بمصنوعاتهم ذات الرسوم السوداء على أسواق البحر الأسود ، و قبرص ، و مصر ، و إتروريا ،و أسبانيا. وأخذ النابغون من صناع الخزف من ذلك الحين يهاجرون إلى أثينا إن لم يكونوا قد ولدوا فيها ؛ ونشأت فيها مدرسة عظيمة وتقاليد ثابتة لأن الأبناء أخذوا يرثون فن الآباء ، وأصبحت صناعة الخزف الجميل إحدى الصناعات الكبرى في المدينة ثم أمست إحدى الصناعات التي تحتكرها أتكا وتقر لها غيرها من الأقاليم بهذا الاحتكار. وتحمل المزهريات نفسها من حين إلى حين صوراً لحوانيت الخزافين ، ويرى فيها الصانع يعمل مع صبيانة أو يراقبهم وهم يقومون بالعمليات المختلفة: يخلطون الألوان والطين ، ويشكلون العجينة ، ويلونون الأرضية ، ويحفرون الصور ، ويحرقون الآنية ، ويحسون بالسعادة التي يحس بها من يرون صور الجمال تظهر على أيديهم. ونحن نعرف أكثر من مائة من هؤلاء الخزافين أهل أتكا ، ولكن الدهر قد عدا على آياتهم الفنية فحطمها ولم يبق لنا إلا أسماء مبدعيها. ونحن نقرأ الآن على كأس الشراب قول الصانع مفتخراً بصنعه Nikosthenes me poiesen “صنعني نكسثنيز” وكان أجزسياس Execias أعظم من نكسثنيز هذا وأجل قدراً. وفي متحف الفاتيكان قارورة فخمة ذات مقبضين من صنعه ، وكان واحداُ من طائفة كبيرة من الفنانين يشجعهم أنصار الفن في عهد بيسستراتس وأبنائه وينعمون بعهد السلم الذي ساد البلاد وقتئذ.
Signature “Sophilos me egraphsen” (Sophilos drew me), ca. 580 BC., BM, GR 1971.11-1.1
ومن أيدي كلتياس Clitias و إرجتموس Erogotimus خرجت مزهرية فرنسوا الذائعة الصيت التي عثر عليها في إتروريا عام 560 فرنسي يحمل هذا الاسم ، وهي الآن ضمن كنوز متحف الآثار بفلورنس – وهي إناء كبير عليه صفوف من الأشكال والمناظر مستمدة من الأساطير اليونانية يعلو بعضها بعضاً. وكان هذان الصانعان أشهر صناع طراز الرسوم السوداء في أتكا في القرن السادس. ولا حاجة بنا إلى المبالغة في جودة صنع الإناء ، فهو لا يضارع في فكرته ولا في إخراجها خير الأواني الباقية من عهد أسرة تانج أو سونج الصينيتين ؛ غير أن الفنان الصيني كان له غرض يختلف عن غرض الفنان الشرقي ، فلم يكن همه الأول هو الألوان بل الخطوط ، ولا النقش بل الشكل. ولذلك كانت الرسوم التي على الآنية اليونانية رسوماً صورها العرف ، وثبت طرازها فجعلها ضخمة ضخامة غير عادية في الكتفين دقيقة في الساقين.
وإذا كان هذا الطراز قد ظل سائداً طوال عهد اليونان الزاهر فمن واجبنا أن نفترض أن الخزاف اليوناني لم يكن يفكر قط في الدقة الواقعية ، فكأنه في فنه هذا يقرض الشعر لا يكتب النثر ، ويخاطب الخيال لا العين ، ولهذا السبب عينه لم يتوسع فيما يستخدمه من المواد أو الألوان. فقد استخدم صلصال السرمكوس Ceramicus الأحمر اللطيف ، وهدأ لونه باللون الأصفر ، وصغر الرسوم بعناية ، وملأ ما بين الخطوط باللون الأسود الزجاجي البراق ، فاستحالت الأرض على يديه آنية موفورة العدد تقترن فيها المنفعة بالجمال ، منها أباريق ماء ، وقوارير ذات مقبضين ، ودنان خمر وأقداح ، وآنية خلط ، وقنينات عطر. وكان هو الذي فكر في التجارب ، وابتكر الموضوعات ، وابتدع الأعمال الفنية التي أخذها عنه صانعو البرونز ، والمثالون ، والرسامون.
وهو الذي قام بالتجارب الأولى في رسم المناظر فنياً كما تبدو بحجمها الطبيعي للعين ، وفي فن المنظور ، وتوزيع الظلال ، وعمل النماذج. وقد مهد السبيل لنحت التماثيل بأن صنع من الطين المحروق صوراً لما لا يحصى من الموضوعات والأشكال ، وحرر فنه من الرسوم الهندسية الدورية ومن المغالاة الشرقية ، وجعل صور الآدميين مصدر حياته ومحورها الذي تدور عليه. ومل الخزاف الأثيني قبيل الربع الأخير من القرن السادس الرسوم السوداء على الأرضية الحمراء ، فعكس الوضع وابتدع طراز الرسوم الحمراء الذي ظلت له السيادة في إقليم البحر الأبيض المتوسط مائتي عام. وكانت الصور لا تزال جامدة ذات زوايا ، والأجسام مصورة من جانبها ، والعين في مواجهة الناظر تماماً ، ولكنه كان يستمتع في نطاق هذه الحدود بحرية جديدة ومجال أوسع في التفكير والتنفيذ ، وكان يخدش الخطوط الخارجية للصورة خدشاً خفيفاً بسن رفيع ، ويرسم تفاصيلها بعدئذ بالقلم ، ويملأ خلفيتها باللون الأسود ، ثم يضيف إليها لمساتها الصغرى بمادة زجاجية ملونة. وفي هذا المجال أيضاً خلد بعض كبار الفنانين أسماءهم ؛ من ذلك أن قارورة ذات أذنين قد كتب عليها: “رسم صورها يوثيميدس Euthymides بن بلياس Pallias رسماً لم يستطعه يفرنيوس Euphronius”. وكان هذا تحدياً ليفرنيوس ودعوة له أن يصنع مثلها. لكن يفرنيوس هذا ظل يوصف بأنه أعظم الخزافين في عصره. ويظن بعضهم أنه هو صاحب الخابية التي صور فيها هرقل يصارع أنتيوس. وتعزى إلى معاصرة سسياس Sosias مزهرية من أشهر المزهريات اليونانية صور عليها أكليز يضمد جرحاً في ذراع بتركلوس. وقد أبرز في هذه الصورة جميع دقائقها ، وأفاض عليها الكثير من حبه وعطفه ، ولم تستطع القرون الطوال أن تنال من منظر الألم الصامت وهو يبدو على ملامح الفتى المحارب.
ونحن مدينون إلى أولئك الرجال وغيرهم ممن لا نعرف أسماءهم الآن بكثير من الروائع الفنية أمثال الكأس التي نرى في داخلها صورة إلهة الفجر تندب ولدها المتوفي ، وإبريق الماء المحفوظ في متحف الفن بنيويورك والذي رسم عليه جندي يوناني ، قد يكون أكليزي يطعن بالحربة امرأة من المحاربات جميلة ذات ثديين ، وكان إناء من أمثال هذه الأواني هو الذي وقف أمامه جون كيتس John Keats في يوم من الأيام صامتاً مذهولاً حتى أطلقت خياله تلك “النشوة الجامحة” و “الدفعة الهائجة” فأنطقتا لسانه بقصيدة أعظم شأناً من أية قارورة يونانية.
أنماط إيجة
انظر أيضاً: Minoan pottery, Minyan ware, Mycenaean pottery, و Sub-Mycenaean pottery
تطور رسم المزهريات
Protogeometric amphora, BM
Boeotian Geometric Hydria, Louvre
Protocorinthian skyphos, c.625 BC, Louvre
Proto-Corinthian olpe with registers of lions, bulls, ibex and sphinxes, c. 640-30 BC, Louvre
من الأقاصيص الظريفة الشائعة في بلاد اليونان أن أول قدح للشراب قد شكل فوق ثدي هلن (53)، فإذا كان هذا صحيحاً فإن القالب الذي صنع على هذا الطراز قد ضاع عقب الغزو الدوري، لأن ما وصل إلينا من الآنية الفخارية من العهود اليونانية القديمة لا يذكرنا قط بهلن؛ وما من شك في أن هذا الغزو قد أثر أسوأ الأثر في تطور هذا الفن، وأفقر الصناع، وشتت المدارس، وقضى إلى حين على انتقال أصوله؛ ذلك بأن المزهريات اليونانية تبدأ من بعد هذا الغزو بسيطة بدائية فجة، كأن كريت لم تسم بصناعة الفخار فتجعلها فناً جميلاً. ويغلب على الظن أن مزاج الفاتحين الدوريين الذي كانت تغلب عليه الخشونة هو الذي أخرج مما بقي من قواعد الفن المينوي الميسيني ذلك الطراز الهندسي الذي كانت له السيطرة على أقدم الفخار اليوناني بعد العصر الهومري. لقد محى من هذا الفخار ما كانت تزدان به الآنية الكريتية من رسوم الأزهار والمناظر الطبيعية، والنباتات؛ وكانت النزعة الصارمة التي أقامت مجد الهياكل الدورية هي التي قضت على صناعة الفخار اليونانية. وليس في الجرار الضخمة التي يمتاز بها هذا العصر ما يمت بصلة إلى الجمال، فقد كان الغرض من صنعها حفظ الخمر أو الزيت أو الحبوب، ولم يكن يقصد بها أن تكون متعة للفنان الخبير بصناعة الخزف. ويكاد نقشها كله أن يكون وحدات من مثلثات أو دوائر أو سلاسل، أو خطوط متقاطعة، ومعينات، وصلبان، أو خطوط أفقية متوازية بسيطة تتكرر مرة بعد مرة. وحتى الرسوم الآدمية التي تتخلل هذه الأشكال كانت رسوماً هندسية، فجذع التمثال العلوي كان مثلث الشكل، وفخذاه وساقاه كانت مخروطية. وانتشر هذا الطراز الهين من الزينة في جميع بلاد اليونان، وكان هو الذي حدد صورة المزهريات الدبيلونية Dipylon في أثينة. ولكن الآنية الضخمة (التي كانت تصنع في العادة لتوضع فيها جثث الموتى) كانت ترسم عليها بين خطوط الأشكال الهندسية صور جانبية لوجوه النائحين، وعربات، وحيوانات غاية في السماجة. فلما آذن القرن الثامن بالانتهاء رسمت على الفخار اليوناني صور حية أكثر من الصور السابقة،واستعمل لونان لأرضية الصور، واستبدلت الدوائر بالخطوط المستقيمة، وظهر على الصلصال سعف النخل، والأزورد، والجياد القافزة، والآساد المصيدة، وحلت الزخارف الشرقية محل الطراز الهندسي الساذج.
وأعقب ذلك العصر عصر مليء بالتجارب غمرت فيه ميليتس السوق بمزهرياتها الحمراء، وساموس بمصنوعاتها المرمرية، ولسبوس بآنيتها السوداء، ورودس بآنيتها الحمراء، وكلزميني Clezomenae بآنيتها الرمادية اللون، وأصدرت فيه نقراطس الخزف الدقيق الملون والزجاج نصف الشفاف. واشتهرت إرثيرا Erythra برقة مزهرياتها، وكلسيس Chalcis ببريقها وحسن صقلها، وسكيون Siycon وكورنثة بقوارير الرائحة الدقيقة الصنع، والأباريق ذات الرسوم المتقنة الأنيقة الشبيهة بمزهريات شيجي Chigi في رومة. وقامت بين صناع الخزف في المدن المختلفة منافسة قوية، وكانت هذه المدينة أو تلك تجد مشترين لخزفها في كل ثغر من ثغور البحر الأبيض المتوسط، وفي الروسيا،وإيطاليا، وبلاد غالة. وخيل إلى مدينة كورنثة في القرن السابع أنها فازت على منافساتها في هذه الحرب الخزفية، فقد كانت مصنوعاتها في كل مكان وفي يد كل إنسان، وكان صناع الفخار فيها قد كشفوا طرقاً جديدة للحفر والتلوين، وابتكروا كثيراً من الأشكال الجديدة؛ لكن سادة حي الخزافين في خارج أثينة برزوا إلى الأمام حوالي عام 550 ق.م وألقوا عن كاهلهم عبء النفوذ الشرقي، واستولوا بمصنوعاتهم ذات الرسوم السوداء على أسواق البحر الأسود، وقبرص، ومصر، وإتروريا،وأسبانيا. وأخذ النابغون من صناع الخزف من ذلك الحين يهاجرون إلى أثينة إن لم يكونوا قد ولدوا فيها؛ ونشأت فيها مدرسة عظيمة وتقاليد ثابتة لأن الأبناء أخذوا يرثون فن الآباء، وأصبحت صناعة الخزف الجميل إحدى الصناعات الكبرى في المدينة ثم أمست إحدى الصناعات التي تحتكرها أتكا وتقر لها غيرها من الأقاليم بهذا الاحتكار.
وتحمل المزهريات نفسها من حين إلى حين صوراً لحوانيت الخزافين، ويرى فيها الصانع يعمل مع صبيانه أو يراقبهم وهم يقومون بالعمليات المختلفة: يخلطون الألوان والطين، ويشكلون العجينة، ويلونون الأرضية، ويحفرون الصور، ويحرقون الآنية، ويحسون بالسعادة التي يحس بها من يرون صور الجمال تظهر على أيديهم. ونحن نعرف أكثر من مائة من هؤلاء الخزافين أهل أتكا، ولكن الدهر قد عدا على آياتهم الفنية فحطمها ولم يبق لنا إلا أسماء مبدعيها. ونحن نقرأ الآن على كأس الشراب قول الصانع مفتخراً بصنعه Nikosthenes me poiesen “صنعني نكسثنيز”(53أ) وكان أجزسياس Execias أعظم من نكسثنيز هذا وأجل قدراً. وفي متحف الفاتيكان قارورة فخمة ذات مقبضين من صنعه، وكان واحداُ من طائفة كبيرة من الفنانين يشجعهم أنصار الفن في عهد بيسستراتس وأبنائه وينعمون بعهد السلم الذي ساد البلاد وقتئذ. ومن أيدي كلتياس Clitias وإرجتموس Erogotimus خرجت مزهرية فرنسوا الذائعة الصيت التي عثر عليها في إتروريا عام 560 فرنسي يحمل هذا الاسم، وهي الآن ضمن كنوز متحف الآثار بفلورنس – وهي إناء كبير عليه صفوف من الأشكال والمناظر مستمدة من الأساطير اليونانية يعلو بعضها بعضاً(54). وكان هذان الصانعان أشهر صناع طراز الرسوم السوداء في أتكا في القرن السادس. ولا حاجة بنا إلى المبالغة في جودة صنع الإناء، فهو لا يضارع في فكرته ولا في إخراجها خير الأواني الباقية من عهد أسرة تانج أو سونج الصينيتين؛ غير أن الفنان الصيني كان له غرض يختلف عن غرض الفنان الشرقي، فلم يكن همه الأول هو الألوان بل الخطوط، ولا النقش بل الشكل. ولذلك كانت الرسوم التي على الآنية اليونانية رسوماً صورها العرف، وثبت طرازها فجعلها ضخمة ضخامة غير عادية في الكتفين دقيقة في الساقين. وإذا كان هذا الطراز قد ظل سائداً طوال عهد اليونان الزاهر فمن واجبنا أن نفترض أن الخزاف اليوناني لم يكن يفكر قط في الدقة الواقعية، فكأنه في فنه هذا يقرض الشعر لا يكتب النثر، ويخاطب الخيال لا العين، ولهذا السبب عينه لم يتوسع فيما يستخدمه من المواد أو الألوان. فقد استخدم صلصال السرمكوس Ceramicus الأحمر اللطيف، وهدأ لونه باللون الأصفر، وصغر الرسوم بعناية، وملأ ما بين الخطوط باللون الأسود الزجاجي البراق، فاستحالت الأرض على يديه آنية موفورة العدد تقترن فيها المنفعة بالجمال، منها أباريق ماء، وقوارير ذات مقبضين، ودنان خمر وأقداح، وآنية خلط، وقنينات عطر. وكان هو الذي فكر في التجارب، وابتكر الموضوعات، وابتدع الأعمال الفنية التي أخذها عنه صانعو البرونز، والمثالون، والرسامون. وهو الذي قام بالتجارب الأولى في رسم المناظر فنياً كما تبدو بحجمها الطبيعي للعين، وفي فن المنظور، وتوزيع الظلال، وعمل النماذج(55). وقد مهد السبيل لنحت التماثيل بأن صنع من الطين المحروق صوراً لما لا يحصى من الموضوعات والأشكال، وحرر فنه من الرسوم الهندسية الدورية ومن المغالاة الشرقية، وجعل صور الآدميين مصدر حياته ومحورها الذي تدور عليه. ومل الخزاف الأثيني قبيل الربع الأخير من القرن السادس الرسوم السوداء على الأرضية الحمراء،فعكس الوضع وابتدع طراز الرسوم الحمراء الذي ظلت له السيادة في إقليم البحر الأبيض المتوسط مائتي عام. وكانت الصور لا تزال جامدة ذات زوايا، والأجسام مصورة من جانبها، والعين في مواجهة الناظر تماماً، ولكنه كان يستمتع في نطاق هذه الحدود بحرية جديدة ومجال أوسع في التفكير والتنفيذ، وكان يخدش الخطوط الخارجية للصورة خدشاً خفيفاً بسن رفيع، ويرسم تفاصيلها بعدئذ بالقلم، ويملأ خلفيتها باللون الأسود، ثم يضيف إليها لمساتها الصغرى بمادة زجاجية ملونة. وفي هذا المجال أيضاً خلد بعض كبار الفنانين أسماءهم؛ من ذلك أن قارورة ذات أذنين قد كتب عليها: “رسم صورها يوثيميدس Euthymides بن بلياس Pallias رسماً لم يستطعه يفرنيوس Euphronius(56)”. وكان هذا تحدياً ليفرنيوس ودعوة له أن يصنع مثلها. لكن يفرنيوس هذا ظل يوصف بأنه أعظم الخزافين في عصره. ويظن بعضهم أنه هو صاحب الخابية التي صور فيها هرقل يصارع أنتيوس. وتعزى إلى معاصرة سسياس Sosias مزهرية من أشهر المزهريات اليونانية صور عليها أكليز يضمد جرحاً في ذراع بتركلوس. وقد أبرز في هذه الصورة جميع دقائقها، وأفاض عليها الكثير من حبه وعطفه، ولم تستطع القرون الطوال أن تنال من منظر الألم الصامت وهو يبدو على ملامح الفتى المحارب. ونحن مدينون إلى أولئك الرجال وغيرهم ممن لا نعرف أسماءهم الآن بكثير من الروائع الفنية أمثال الكأس التي نرى في داخلها صورة إلهة الفجر تندب ولدها المتوفي، وإبريق الماء المحفوظ في متحف الفن بنيويورك والذي رسم عليه جندي يوناني، قد يكون أكليزي يطعن بالحربة امرأة من المحاربات جميلة ذات ثديين، وكان إناء من أمثال هذه الأواني هو الذي وقف أمامه جون كيتس John Keats في يوم من الأيام صامتاً مذهولاً حتى أطلقت خياله تلك “النشوة الجامحة” و “الدفعة الهائجة” فأنطقتا لسانه بقصيدة أعظم شأناً من أية قارورة يونانية.
Black Figure
Achilles and Penthesileia by Exekias, ca. 540 BC., BM. London.
Red Figure
Reveller and courtesan by Euphronios, ca. 500 BC,BM E 44
Neck amphora depicting an athlete running the hoplitodromos by the Berlin Painter, ca. 480 BC, Louvre
تقنية الأرضية البيضاء
Apollo and his raven on a white-ground bowl by the Pistoxenos Painter. Delphi Archaeological Museum.
الفترة الهلنستية
انظر أيضاً: فن هلنستي
The so-called “Memnon pieta”, Ancient Greek Attic red-figure cup, ca. 490–480 BC, from Capua. Inscription on the left: (Ϝ(?))ENEMEKNERINE (???), HERMOΓΕΝΕS KALOS (“Hermogenes kalos”). Inscription on the up-right: HEOS (“Eos“), ΔΟRIS EΓRAΦSEN (“Doris Egraphsen” – Doris drew me). Inscription on the right: MEMNON (“Memnon“), KALIAΔES EΠOIESEN (“Kaliades epoiesen” – Kaliades made). Louvre Museum, Paris.
Signature (written vice versa) SOΦΙLOS MEΓΡΑΦSEN (“Sophilos megraphsen” – Sophilos drew me), ca. 570 BC., المتحف البريطاني, GR 1971.11-1.1
اعادة الاكتشاف
استخدامات وأنواع الفخار اليوناني القديم
انظر أيضاً: Typology of Greek Vase Shapes
معرض الصور
Late Geometric pyxis, المتحف البريطاني.
Corinthian orientalising jug, circa 620 BC, Antikensammlungen Munich.
7th century BC plate with sphinx from Rhodes, Louvre.
Black-figure olpe (wine vessel) by the Amasis Painter, depiciting Herakles and Athena, circa 540 BC, Louvre.
Interior (tondo) of a red figure kylix, depicting Herakles and Athena, by Phoinix (potter) and Douris (painter), circa 480-470 BC, Antikensammlungen Munich.
Detail of a red-figure amphora depicting a satyr assaulting a maenad, by Pamphaios (potter) and Oltos (painter), circa 520 BC, Louvre.
White-ground lekythos with a scene of mourning by the Reed painter, circa 420-410 BC, المتحف البريطاني.
Hellenistic relief bowl with the head of a maenad, 2nd century BC (?), المتحف البريطاني.
قائمة المراجع
ول ديورانت. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help).
John Beazley, Attic Black-Figure Vase Painters, Oxford University Press, Oxford, 1956.
John Beazley, Attic Red-Figure Vase Painters, Oxford University Press, Oxford, 1942.
John Beazley, The Development of Attic Black-Figure, University of California, 1951.
John Beazley, Paralipomena, Oxford University Press, Oxford, 1971.
John Boardman, Athenian Black figure Vases, London, 1974.
John Boardman, Athenian Red Figure Vases, London, 1975.
Coldstream, J. N., Geometric Greece 900-700 BC, London 2003 (Second Edition).
Richard E. Jones: Greek and Cypriot Pottery: A Review of Scientific Studies. Athens 1985.
Joseph Veach Noble: The Techniques of Painted Attic Pottery. New York 1965.
Martin Robinson, The Art of Vase-Painting in Classical Athens, Cambridge, 1992.
Arthur Dale Trendall, Red figure Vases of South Italy and Sicily, London, 1989.
Adam Winter, Die Antike Glanztonkeramik’, Mainz, 1978.
الموقع: المعرفة